إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

862 ـ ديفيد ريكاردو
David Ricardo

          ولد ديفيد ريكاردو في لندن عام 1772م وقد كان والده، إبراهام، سمساراً محترفاً في السلع والأوراق المالية. انحدر ريكاردو من عائلة من اليهود الشرقيين، الذين طردوا من أسبانيا واتجهت العائلة إلى ليفورنو، ثم مع بداية القرن الثامن عشر إلى أمستردام، وأخيراً، قبل ولادة ديفيد بسنوات قليلة، إلى لندن. وأينما ذهبت الأسرة فإنه يبدو أن أفرادها كانوا رجال أعمال أشداء وأغنياء.

          أمضى ديفيد فترة طفولته في بيئة غنية، وأرثوذكسية، وفي عزلة اجتماعية، وذهب إلى المدرسة في سن الرابعة عشرة، وأمضى سنتين مع أحد أعمامه في هولندا، حيث تعلم بعض اللغات وربما أمضى بعض الوقت في الحصول على المهارات الحركية. وفي السنوات التالية، كان والده مستعداً لاستئجار مدرسين خصوصيين له، في المجالات التي وجدها ديفيد محببة إلى نفسه.

          ثم التحق بمؤسسة الوساطة المالية لوالده، الذي تخصص وقتها في السندات وفي الحوالات. وبعد ذلك بسنتين، أصبح مسئولاً عن فردين صغيرين من العائلة، في رحلة إلى أوربا، ووجد ديفيد نفسه، بصورة متزايدة، في صراع مع تقاليد عائلته الأرثوذكسية. وفي عام 1793م تزوج ديفيد من إحدى المنتميات إلى مذهب الكويكر، التي دفعت به إلى الانفصال عن والديه (رغم استمرار علاقته مع باقي أفراد الأسرة) ويبدو أنه أصبح موحداً Unitarian، وقد كان زواجه سعيداً ورزق بثلاثة بنين وخمس بنات.

          ودفعته عزلته عن والده إلى أن يبدأ عمله الخاص، سمساراً في الأوراق المالية، وقد كانت البداية صعبة، ولكنه سرعان ما حقق نجاحاً ملحوظاً، فعندما بلغ السادسة والعشرين أصبح غنياً، ومستقلاً، وفي بداية الأربعينيات من عمره، كانت لديه ثروة كبيرة، وصل حجمها إلى ما يزيد على نصف مليون جنيه إسترليني، مما جعله من أصحاب الأموال الموسرين.

          وقد دفع الاستقرار المالي، ريكاردو إلى أن يبدأ دراسته، خاصة في الرياضة والكيمياء والطبيعة وقبل كل شي التعدين والجيولوجيا. كما أصبح أحد مجموعة من الأصدقاء، الذين اعتادوا مناقشة المشكلات الاقتصادية، ومن بينهم : جيمس ميل، وروبرت مالتس، وجيرمي بنتام، وهنرى ثورنتون. ومن هذه المناقشات كتب كتيبه الأول دون توقيع عن (سعر الذهب) (نشر عام 1809م) وقد وضعه هذا الكتيب ضمن المؤيدين لموقف المعدنيين، الذي كان يتضمن أن تخفيض قيمة أوراق النقد (غير القابلة للتحويل)، لم يكن نتيجة للعجز التجاري، ولكن للسياسة التضخمية لبنك إنجلترا، وفي السنوات التالية توسع في ذلك الكتيب بكتابة الرسالة الرائعة عن السعر المرتفع للمعدن، إثباتاً لانخفاض قيمة أوراق البنكنوت. وبنهاية عام 1812م، أصبح ريكاردو أستاذاً في الأسئلة الخاصة بالعملة. وفي السنوات التالية، بدأ اهتمامه يتركز، بشكل متزايد، على الجدل الدائر حول تجارة الغلال، التي أثارت عدداً من المشكلات العامة.

          وفي حوالي وقت ووترلو، اعتبر ريكاردو نفسه غنياً، بقدر كاف، كما اعتبر أن الأوقات الذهبية لرجال المال قد ولت، وانسحب تدريجياً من سوق الأوراق المالية من لندن. وقد أعطاه هذا وقت الفراغ الكافي لكتابة كتابه (مبادئ الاقتصاد السياسي والضرائب)، الذي نشر في عام 1817م وجعله في مركز القيادة للاقتصاديين السياسيين. وبينما نجد أن آدم سميث حاول أن يشرح حجم الدخل القومي ونموه، فإن ريكاردو جعل المهمة الأولية لعلم الاقتصاد، هي تحديد توزيع الدخل القومي بين أصحاب الأراضي، والرأسماليين والعمال.

          وفي عام 1819م أصبح ريكاردو عضواً في مجلس العموم، في المقاطعة الأيرلندية، بورتارلينجتون، وقد كان عضواً متميزاً ومشهوراً في المالية. وعلى أية حال، فإن الفترة التي حقق فيها إنتاجاً علمياً استمرت فقط لمدة عشر سنوات.

          توفي ريكاردو بصورة مفاجئة عام 1823م بعد مرض لم يمهله طويلاً.